الجمعة، 17 أغسطس 2012

حافية القدمين



"لا أدري لما اقتني هذا الكم من الاحذية اذا كنت اعشق السير حافية"

أطلقت هذا الجملة أمام هذا الكم الهائل من الاحذية المكدسة في الدواليب وتلك الازواج المبعثرة تحت الكراسي والكنب ولا تجد لهم مكانا لتواريهم فيه بعدما شوهوا المظهر العام لحجرتها المرتبة المنمقة .. وراحت تتذكر ايام طفولتها عندما كانت لا تملك الا زوج واحد من الاحذية السوداء ذات الإبزيم و حذاء رياضي ماركة باتا تستخدمه في حصص الالعاب .. كانت لا تملك سواهما وكان كلما تمزق حذاءها الاسود تذهب به الي الصرماتي فيرتقه لها ويصبغه ويعيده كأن شيء لما يكن .. وكان تلعن ايام الشتاء والمطر التي تسقط عن حذاءها قناعه من الصبغات التي تجمله وتخفي سوءته فيتعري امام الناس ويهتك ستر غرز الحياكة ورتقات الصرماتي مما يصيبها بالكثير من الخجل حتي تضطر احيانا الي الغياب عن المدرسة في ايام المطر حتي لا ينفضح امرها.

اخذت قطعة من كريب الفواكه المحلى بعسل النحل وكوب البرتقال الطازج ومجلة نسائية وذهبت الي الفرندة المطلة علي حديقتها الصغيرة .. تناولت فطورها ولعقت ما علق باصابعها كما كانت تفعل في طفولتها .. لم تتغير كثيرا ولم تتغير طباعها لازالت تلعق اصابعها بعد الاكل و لازالت تداعب خصلات شعرها فتتساقط في يدها عندما تشرد ولا زالت تعشق السير حافية .. تسائلت بالامس كنت لا املك سوي زوج واحد من الاحذية المهترئة وانا احوج مااكون اليه واليوم املك العشرات بل المئات من الاحذية  وانا في غني عنهم فلا تطأ قدمي الارض ولا اترجل الا نادرا بعدما امتلكت السيارة الفارهة .. هل انا سعيدة بهذا الكم من الاحذية التي امتلكها .. هل جلبت لي السعادة ام اضافت الي حياتي منغصا يزاحمني حجرتي الهادئة ويرهقني بترتيبهم ؟ وسرحت في المجلة التي امامها لتجد حكمة اليوم 

" استمتع بما لديك ولا تنظر لغيرك .. تكن اسعد الناس "
-------
لا جدوي من امتلاك كل الطيبات اذا كانوا عاجزين عن جلب السعادة لك وانت عاجز عن الاستمتاع والسعادة بهم.

ليست هناك تعليقات: