الثلاثاء، 2 نوفمبر 2010

هدوء نسبي





تجتاحني هذه الايام حالة من الهدوء النسبي فلم تنعتني امي بأن (أخلاقي زفت) منذ قرابة الشهر كما لم يتأفف أبي من عصبيتي وعلو صوتي الذي تشتكي أمه لا اله الا الله (سوي أبي) من انخفاضه الشديد ..يجدر بي الاعتراف اني ابنه رديئة لابوين من الزمن الجميل بذلوا الكثير في تهذيبي وتربيتي ولكن لا حيلة لهم في اخلاق البوابين -(عذرا للبوابين) - التي اكتسبتها علي كبر واصبحت تهدد هدوء العائلة الكريمة ॥ حتي اصبحت جرثومة يرهبوا بها صغار العائلة ومضرب المثل لهم في سوء الاخلاق .. واذا شذ احد الصغار فانه بالتاكيد يستمد جذوره الانحلالية مني।

حكي لي بعض الاصدقاء في بداية لجوءه لعالم الانترنت عن استاذ جامعي كان يدخل غرف الشات التي تكتظ بالمراهقين باسم الفيل النونو وكان يتشقلب ويتدحرج ويضحك ويُضحك من في الرووم معه كمهرج في سيرك ॥ عذرته وقلت كبت نفسي لم اكن اعرف اني سألقي مصيره وان اختلفت اشكال الدحرجة الا ان الانسلاخ من الكبت الاسري والوظيفي الي عالم الانترنت امر شائع هذه الايام।

يصف البعض الكتابة انها كعملية ولادة متعثرة ووصفها البعض الاخر انها عملية قتل الكلمات علي صفحات الاوراق باقلام باردة ليتركها جثة مضرجة في احبارها ॥ اما انا فاراها حالة نشوه كتلك التي تنتاب متعاطي المخدرات الرديئة كشاربي اللو ليفل كيميكال درجز او شاممي الكُلة .. حفنه من الدوبامين تجتاح دماءك لتنثر كلمات تضحك عليها انت قبل الاخرون .. برهة تخلع فيها وقار المهنة .. وتنسي كل تعاليم الاسرة التي اجهدوا انفسهم ربع قرن من الزمان في تلقينك اياها بلا طائل।

شاهدت قريبا علي اليوتيوب –فامثالي لا يشاهدوا التلفاز- حلقة من برنامج مصر النهاردة لمني الشرقاوي كانت تتحدث بلغة انجليش بني عبس -وهذه تختلف تماما عن الامريكان والبريتيش انجليش المعهودين- عن الفيس بوك وكيف ان هذا الفيس بوك ماهو الا جاسوس و حجرة من حجيرات جوجل واطلت علينا بنباهة غير معهودة لتخبرنا اننا اذا حذفنا اكاونت الفيس بوك فانهم يبيعونه مرة اخري لاخرين بكل بياناته لينتحلوا شخصياتنا (يالنا من مغفلين ساذجين نجهل هذه المعلومات الفتاكة).. كما ان صورك التي تحذفها لا تنحذف ولكنها تظل عندهم (فوق) في الادارة العليا للفيس بوك (الله يفتح عليكي يا شيخة وتطلعي فوق انتي كمان) .. كما لم يحرمنا ضيفيها من ذكاءهم الفذ فمن حق كل انسان ان يدلو بدلوه حتي وان كان لا يعرف الفرق بين ماي سبايس وماي بيس واهو كله سين وياء وباء (يالنا من تافهين ندقق في اشياء صغيرة)
أحبط جدا من هذا اللقاء الكوميدي وشعرت بمدي الشرخ والانفصال بين هذا المجتمع وشبابه فهم لم ولن يفهمونا بل الاعجب هو اصرارهم علي مطاردتهم ايانا لتلقيننا مبادئهم ونصائحهم الخاوية التي تركناها ملفوفة بخرقة بالية بجوار اول حائط ارتطمنا به في جدران الحياة .. فما دفعنا الي الانترنت الا الكبت وعدم حرية التعبير ॥ توهنا في دروب الحياة قبل ان نتوه في دروب الانترنت .. لم يحتوينا المجتمع فألقانا الي متاهة نتضرع الي الله ان نخرج منها بسلام ।

يقولون ان اول طرق العلاج هو تحديد المشكلة ॥ ومشكلتنا اننا اصحاب حاجات عجزت الحياة ان تمدنا اياها فهربنا الي خيال وبنينا مدنا وانشانا طرقا وجسورا واقمنا صداقات وعلاقات بل ومظاهرات واحتجاجات واعتصامات ولكن
وياللأسف كلها علي ارض الخيال تتلاشي مع اول شات داون .. فهل يعي مجتمعنا ما نقول ؟؟

الخميس، 21 أكتوبر 2010

احسبها صح تعيشها صح

أدعوك عزيزي القاريء اليوم الي عملية حسابية بسيطة , فلتحضر ورقة وقلم وتخمن اقصي عمر من الممكن ان يحياه الانسان علي هذه الارض , فلنفترض انه محظوظ لم يشرب من مياه الصرف الصحي ولم يأكل اطعمة مسرطنة ولم يتنفس من عوادم السيارات ولم يدمن رائحة حرق قش الارز ولنفترض انه كان محظوظ ولم يركب قطارا أو عبارة ولم يكن واقفا منتظرا اتوبيسا لتدهسه بي ام دبليو ...فلنفترض ان كل هذا لم يحدث وأمده الله في اجله وعاش مائة عام
أتعلم صديقي ان اليوم عند الله بألف سنة مما نعد قال تعالي (وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) وفي آيه آخري (تعرج الملائكة والروح اليه في يوم كان مقداره خمسين الف سنة ) ... أي ان المائة عام التي تحياها علي وجه الارض ماهي الا عُـشر يوم من ايام الاخرة , 2.4 ساعه من ساعات الاخرة .. اتفرط في دار نعيم لاينقضي من أجل 2.4 ساعه !!
أتحزن وتغتم لأمر من امور الدنيا بعد هذه المعلومة ... اتفرط في عمرك ودينك وتنتحر لتموت كافر وتخسر الاخرة الباقية من اجل دنيا فانية !!
ألم يقول فيها سبحانه وتعالي (وما هذه الحياة الدنيا الا لهو ولعب وان الدار الاخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون ) .. وما سميت الدنيا دنيا الا لدنوها فلما نعطيها اكبر من قدرها ..ومادعوتي هذه لترك الدنيا والاهمال فيها .. ولكن هي دعوة لعدم تضخيم هموم الدنيا .. فاننا لن نذهب بهمومنا الي القبر ولكن سنذهب بصالح اعمالنا .. فلنستعد للاخرة بالعمل الصالح .. ولنترك الدنيا وراء ظهورنا .. وأضمن لك انك ان فعلت ذلك فإن الدنيا هي من ستركض وراءك .. وانها ستظل تفر منك وتراوغك كلما رأتك تلهث وراءها.
عزيزي القاريء :
  • أٌدرك حجم الدنيا ومدي ضألتها مقارنه بالآخره ...حينها ستهون عليك مصائبها ولن تغتم لنوائب الدهر
  • ضع الدنيا وراء ظهرك وكف عن الركض وراءها ...يقول الحسن البصري (علمت أن رزقى لا يأخذه غيرى فاطمأن قلبى، وعلمت أن عملى لا يقوم به غيرى فاشتغلت به وحدى، وعلمت أن الله مطلع علي فاستحييت أن يرانى عاصيا، وعلمت أن الموت ينتظرنى فأعددت الزاد للقاء ربى)
  • استعد بالعمل الصالح للآخرة فهي خير وابقي ...واستثمر وقتك ومجهودك في المكان الصحيح ... وليست هذه دعوة لهجر الدنيا فاعمل لدنياك كأنك تعيش ابدا وأعمل لأخرتك كأنك تموت غدا ولكن هي دعوة لوضع الامور في نصابها الحقيقي و اعطاء الدنيا قدرها ومكانتها في عقولنا وقلوبنا لا ان تلتهمنا وتستعبدنا ثم تفر منا ।

الأربعاء، 20 أكتوبر 2010

يا عزيزي كلنا تروس



يقول برنارد شو " الطريقة الوحيدة لتجنب التعاسة هي : أن لا يكون لديك وقت فراغ لتسأل فيه نفسك , فيما إذا كنت سعيدا أم لا "

وأنا أقول لك يا عزيزي كلنا تروس او ثيران معصبة العيون تدور في حلقات لا متناهية لا نملك الوقت لرفاهية النظر في المرآه لا لنسأل انفسنا عن ما اذا كنا سعداء او تعساء, واذا توقف الترس عن الدوران . واذا خلع الثور العصابة عن عينيه فإنه سيصاب بالاحباط والاكتئاب و سينتحر لانه لن يتحمل مرارة الحقيقة .. وانه مجرد ترس له دورة حياه دراسة فعمل فزواج فاطفال فممات لم يسأل نفسه يوما ما اذا كان في حاجة الي هذه السلسلة من الاحتياجات ام يمكنه الاستغناء عن بعضها ولكن مايعلمه جيدا ان تأخر اي من هذه السلسلة سيصيبه بالعطل والتوقف وهو مايدخله في دائرة التفكير والادراك فيدرك انه اتعس المخلوقات.
أدعوك صديقي الترس أن تتوقف عن الدوران ..أن تتوقف عن الركض وراء احتياجاتك التي لن تنضب .. لا يهم ان تملك كل شيء ولكن الاهم ان تعرف كيف تستمتع بما تملك.. فلنختلس من الزمن هنيهات نصعد الي اعالي الجبال او ننزل الي اعماق البحار او ننحشر وسط سوق او نزاحم في عربة في احدي المواصلات .. ولكن هذه الهنيهة لن نكون عبيد الاحتياجات ولكن مجرد متفرجين علي الاحداث ولنسأل انفسنا .. أحقا تستحق الحياه كل هذا العناء ؟! أحقا نحيا أم اننا اموات ؟؟ هل لازالنا أدميين نستمتع باستنشاق الهواء وبارتشاف الماء ؟! ام اننا مجرد تروس حديدية تعب الهواء والماء والطعام في بطونها لانهم مقومات استمراريتنا في هذه الحياة.
دعوة للتوقف .. دعوة للتامل .. دعوة للنظر للحياة بالعين الثالثة ) عين العقل ) .. دعوة لنتذوق طعم الحياة