الأربعاء، 18 يناير 2012

المزاد


بعد رحلة اغتراب انفق فيها الكثير من ربيع شبابه بحثا عن المال عاد الي ارض الوطن بالكثير من المال والكثير من الوحدة والخواء النفسي .. استقر في فيلا فارهة تطل علي حديقة غناء اختار موقعها بعناية واثاثها ومفروشاتها بدقة بالغين .. الا انه عجز ان يروي عطشه النفسي لأنيس يدفء برد لياليه القاسية .. جاب بيوت الاهل والمعارف بحثا عن ضالته فلم يجدها فلجأ الي الصحف والمجلات وعلي حين غفلة وجدها في اعلان  باحد الصحف اليومية .


استيقظ مبكرا ارتدى ملابسه سريعا وتناول فطوره على عجل وقاد سيارته متجها الي عنوان ضالته المدون باعلان الجريدة .. دخل الي القاعه حاملا أقصوصة المواصفات .. قرأها بعناية مرات و مرات ثم طواها ودسها في سترته محتضنا احد احلامه المسطورة بين دفتيها .. فائقة الجمال .. بيضاء كقطع التلج .. صافية العينين كنبع الماء البكر .. حالمة هادئة وديعة كأطياف سماوية .. مرحة خفيفة الظل تهوى المداعبة والملاطفة .. متناسقة القوام والبنيان تفوق فينوس في كمالها وتمامها .. غضة صغيرة السن .. ودود ولود ستجود بالصغار الذين سيحملون المزيد من البهجة والصخب الي عالمه الهاديء الرتيب .. فرصة لن تتكرر فهي كنز ثمين يستحق ان يهدر بعض اموال الغربة والشقاء فيه .


جلست علي طاولة مستديرة تتوسط القاعه تحت بؤرة كثيفة من الاضواء اصابتها بالكثير من الخجل والارتباك .. لم يكن وحده قاريء الاعلان بل اكتظت القاعة براغبيها .. اصطفت العيون حولها تتفحصها من كل الارجاء تتتبع ثنايا جسدها تغوص في التفاصيل وتتوه العقول في عقد المقارنات مع المقاييس المثالية المستوطنة في النفوس والصدور .. تعلن العيون فشلها فالمعاينة العينية لا تكفى .. دنا البعض منها أمتدت الكثير من الايدي تتحسس جسدها بحثا عن المقاييس المزعومة ام اشباعا لرغبة ام ملاطفة ام جميعهم .. برغبتها ام رغم عنها من يكترث ؟!

علت الهمسات والهمهمات ..  انسحب البعض .. واستمر البعض الآخر .. بريق عينيها الزرقاوين المتلألئ تحت الاضواء الصاخبة أخذ لبه .. اصر علي اقتناءها مهما كلفه الامر .. نزوة .. شهوة .. ايا ما كان مسماه سيقتنيها .. فمن اجل هذا الجمال تنفك صرر الدنانير وتكتب الشيكات البنكية وتنثر اوراق البنكنوت .. واصل المزايدة الجنونية .

دق الناقوس النحاسي 

ألأوناه .. ألا دووا .. ألا تراى
رسى المزاد عليه .. دفع حفنة من المال واعطى العامل بقشيشا بسخاء مبالغ فيه .. كاد قلبه ان يتوقف فرحا وهو يلتقطها من يد العامل و يطوقها بذراعيه .. داعبها باطراف انامله فطأطأت رأسها خجلا وتغنجا .. أبي ان يضعها في حقيبة السيارة الخلفية واجلسها بجواره في الكرسي الامامي .. ربط عنقها بشريط من الستان الاحمر موشوما باسمه معلنا ملكيته .. دست رأسها في سترته و لعقت اصابعه معلنه الايجاب والقبول لصك الامتلاك .. فلا خيار لمن يُشترى بالمال.