السبت، 11 أغسطس 2012

فتياتنا .. الي أين ؟!



عندما كنت صغيرة كانت امي دوما تحكي لي عن بياض الثلج تلك الاميرة الرقيقة التي كانت زوجة ابيها تغار منها وحاولت مرارا قتلها حتي اتي الامير وانقذها وتزوجها وعاشا في تبات ونبات .. وعن سندريلا هذه الفتاة البائسة التي كانت زوجة ابيها تستعبدها حتي راها الامير صدفة وخلصها من هذا الشقاء وتزوجها وعاشا ف تبات ونبات .. وعن رابنزل ذات الشعر الذهبي التي كانت تحبسها الساحرة الشريرة في برج عالي في قلب الغابة حتي اتي الامير وحررها من هذا البرج وتزوجها وعاشا في تبات ونبات

دوما هناك بائسة حبيسة التابوت الزجاجي او اسيرة زوجة الاب او سجينه البرج ودوما يظهر الأمير فيخلصها من شقاءها ويتزوجها ويعيشا في تبات ونبات ولكن بعدما كبرنا واختبرنا الحياة ادركنا ان هذه القصص ماهي الا خيالات . فالباسئة سجينه التابوت اوالمنزل او البرج لا يعلم بوجودها احد ولا يشعر بها احد ولا يوجد امير لينتشلها من بؤسها فقد انتهي عصر الامراء .. قد يمر عليها حامل القمامة او صبي المكوجي او ابن الفكهاني او الفارس المكبل بالعقد والمسئوليات والعراقيل .. لقد انتهي عصر المعجزات والجنيات والامراء والنهايات السعيدة .. لا ادري لما يستمرون في تغذية عقولنا بهذا الهراء .

 لما لا يقصوا لنا قصة الدكتورة الجامعية التي انفقت شبابها علي البحث العلمي وتدريس العلم وعانت الامرين من مشرف يرفض مناقشتها للدكتوراة بدون اي سبب منطقي وخاضت العديد من القضايا والاحتكام للجان خارجية ليدرسوا مدي صلاحية الرسالة وعندما انصفتها اللجنة وحصلت علي الدكتوراة ثم منً الله عليها بالزوج الصالح وتزوجت سريعا وحملت جنينا وكأنها تعيش الحلم وتحققت احلامها جميعا في شهور معدودة وعندما حان وضعها توفها الله بعدما توفي جنينها بداخلها مسببا لها تسمم .

او قصة هذه المرأة العجوز التي وجدوها ميتة متعفنة مهترأة الجلد واللحم بعدما تركها ابنها الوحيد الذي عكفت علي تربيته بعدما توفي والده وهو في الرابعه من عمره واصرت علي عدم الزواج وتربية ابنها ولكن بعدما كبر ابنها هجرها ورفض العيش معها تاركا اياها تتعفن في فراش الموت.

او هذه الاسرة المكونة من ثلاث فتيات واخ امتهنوا مهنة التدريس ولم يتزوج اي منهم حتي توفاهم الله  جميعا عدا الصغري التي لازالت تعيش في دار مسنين الي الأن

لماذا لا تقصوا لنا الواقع حتي لا نصطدم به عندما نكبر وحتي نستفيق من خيالات السندريلا وبياض الثلج و ذات الشعر الذهبي ؟!

لما تغذوا عقولنا بنمطية الحياة .. دراسة فعمل او(لا عمل) فزواج وابناء .. ليس بالضرورة ان نسير جميعا في هذا الدرب وليس بالضرورة ان عش الزوجية هو عش الهناء والصفاء فربما تقودوا الفتاة الي حتفها

لما نربط بين رضا الله وبين التوفيق في الحياة .. فليس بالضرورة ان كل توفيق حياتي هو ثمار صلاحك وحسن ايمانك .. ولو كان صلاح الدنيا وموفور رزقها من رضا الله علينا لما عانا ايوب موت الابناء والفقر والمرض .. ولو كانت الدنيا عزيزة علي الله لما اعطاها لكافر به ولما كانت الدول الاجنبية الكافرة بهذا التقدم والدول الاسلامية بهذا التخلف والفقر

لما نُهدي فتياتنا الصغار دمي (عروسة) لتمشط شعرها وتغسل فستانها ونعدها لهذا الدور العظيم الذي ينتظرها من الغسل والمسح والكي .. لما نردد الدعوة المتهالكة "افرح بيكي واشوفك عروسة" علي مسامع البنت طيلة طفولتها لما لا تكون طبيبة او مهندسة او اي عمل ناجح .. لما نربي الفتاة علي أن النهاية السعيدة هي قفص الزوجية فربما يكون هذا قفص العذاب ..لما لا يكون الزواج بداية لا نهاية .. وسيلة وليس غاية  .. لما نرسخ في ذهن الفتاة ان الله خلقها لتكون زوجة وأم .. وماذا ان لم تتزوج  او  لم تنجب .. انعد لهم محرقة جماعية حتي نتخلص منهم لانهم عناصر غير منتجة (للاطفال) في المجتمع واخفقن في دورهم الحيوي (الذي لا يد لهم في جلبه او منعه) والذي خلقن من أجله ..   لما لا تكون انسانة لها اهدافها وغايتها المستقلة الغير معتمدة علي وجود اخر في حياتها .. اتي الاخر او لم يأت فهي كائن قائم بذاته يسعي لتحقيق اهدافه.. لما لا تكون نصف المجتمع بساعدها وبدورها لا بعددها.

لا أدري الي متي سنستمر في تخريج فتيات منعدمات الشخصية والاهداف .. نصفهن اعتزلن الحياة واعتكفن في المطبخ بعد حصولهن علي لقب (مدام) والنصف الاخر تائهات في غابات الوهم والخيالات او اصابهن الاكتئاب والغم حزنا علي تفويت اللقب عليهن.

هناك تعليق واحد: