
في ليلة قارصة البرودة تصارعت فيها صيحات رجاء مع صهيل بُـشرى فقد جاءهما المخاض معلنا الإيذان بقدوم وليديهما .. احتار الحاج راضي بين زوجته وعمله فقد كان سايسا فقيرا يعمل في إسطبل لاحد اغنياء القرية .. دعا الله ان يرزقه الولد كي يكون سندا وعونا له ولكن يد الله قد منحت بُـشرى مهرا قويا فاحم السواد ذو خصلات شعر بيضاء تعلو جبهته فاسماه ادهم ومنحت رجاء زوجته مهرة طفلة جميلة برونزية اللون خضراء العينين ذات شعر اسود كقطع من الليل .. فرح الحاج راضي بهما وانسته براءة مهرة وضحكتها الصافية حلمه القديم في الولد .. ونشات مهرة في اسطبل الجياد تزحف فتحبو فتمشي فتجري فتقفز وتلهو بينهم وفوق ظهورهم وكان المفضل لديها ادهم الذي أبي ان يمتطي ظهره ادمي فقد كان فرسا قويا ولكنه كان عنيدا متمردا يحي حياة البرية في اسطبل قروي تطوقه الاسوار ويعج بالبرادع والالجمة والسياط .. كان ادهم منبوذا لرفضه الامتياط ولكثرة من ذاقوا وبال السقوط من فوق ظهره وكثرة من فشلوا في اقناعه باللجام الا مهرة فكانت تتفهم رغبته في الحرية والانطلاق فكانت تشاطره نفس الرغبات .. وفي يوم من الايام قرر مالك الاسطبل ترويض ادهم بشتى الطرق حتي لو اضطره لاستعمال سوط الجلاد ولكن ادهم ابي الانصياع وقرر الفرار فقفز وقفز .. قفز فوق اسوار الاسطبل و قفز فوق اسوار القرية وجدرانها و قفز فوق جدار الخوف الذي استذله كثيرا وارضخه في حالة التمرد الداخلي زمنا طويلا وظل يجري حتى اختفى عن الانظار.
حزنت مهرة علي ادهم فقد كان انيسها الوحيد ولكنها استمرت تعمل في الاسطبل تحمل الاعلاف والماء للحيوانات .. يوم بعد يوم كبرت مهرة الصغيرة واصبحة فرسة قوية بارعه الجمال واصطف علي بابها الخطاب الا انها ابت ان تتكبل بالقيد الذهبي للزواج .. واختارت ان تكمل دراستها حتي التحقت بكلية الاداب ففارقت قريتها ووالديها الهرمين رغم شدة احتياجهما لها الا انا رات ان الالتحاق بالجامعة هو معبرها للحرية فاصرت علي العبور وسكنت المدينه الكبيرة الصاخبة التي لا يعرفها فيها احد .. وراحت تستعد لاول ايامها الجامعية .. نظرت في المرآه فوجدت قروية باهتة الانوثة ستثير سخرية الفتيان وشفقة الفتيات .. فلم ترتضي لنفسها هذه الصورة المزرية والمصير المظلم وراحت ترسم كينونتها بيدها وتلونها بما تشاء من الطباع والاخلاقيات فلا قيد ولا رقيب ولا توبيخ ولا افعل ولا تفعل بل الحرية المطلقة التي طالما حلمت بها .. فحلت غطاء راسها وارسلت شعرها مسترسلا ولونت وجهها بمساحيق التجميل الارجوانية والبرتقالية وارتدت السراويل الجينز والتنانير القصيرة والكنزات الضيقة وتخلت عن عبائتها الفضفاضة المتشبعه بعفة القرويين واصوليتهم وراحت جامعتها بخطى واثقة تصاحب هذا وتمازح ذاك وتذهب لحفلات الميلاد وتاتي كيفما تشاء وقتما تشاء لا دراسة ولا التزام بل طوفان من العربدة والانحلال .. وجاءت نتيجة العام فرسبت و طردت من المدينة الجامعية وخشيت ان يعلم اهلها بهذه التطورات المؤسفة فاضطرت الي الانتقال الي شقة طالبات يشاركها ايها بعض المغتربات اللاتي لا يكففن عن الرقص والغناء واطلاق الزغاريد في كل الاوقات وما من احد يمر بشقتهن الا ويستعيذ بالله وكأنه مر بجحر الشيطان .. تعلمت منهن الرقص باحتراف وتدخين السجائر بدءا بالكليوباترا و حتى الخابور ومرورا بالشيشة التفاح .. اثقلت بايجار الشقة ومنفقاتها الشخصية من ثياب ومزاج فاضطرت الي العمل كنادلة باحد الملاهي الليلية .. دخلت نفق الضياع المظلم برغبتها من أجل الحرية العصماء .. رات اناس تأكل حتى تتقيأ ما اكلت بعدما كادت احشاءهم ان تنفجر من فرط ما تناولوا من طعام وكأن الطبيعه البشرية ترفع لهم الاشارة الحمراء .. رأت اموال تتهاوى تحت اقدام فتيات شبه عاريات لا يملكن قوت يومهن ويطأن الاموال بكعوبهن العالية .. رأت صفعة مدوية لفتاه قالت "لا" فقد سلبت منها الـ "لا" بدخولها هذا المكان فلا تملك السلعة اي ارادة سوى ان تنصاع لارادة صاحب المال .. استشعرت الضياع الذي آلت اليه وان الحرية المطلقة ماهي الا فساد مطلق وان اللجام ليس قيد ولكنه السد امام طوفان رغبات ونزوات النفس البشرية النهمه للملذات والشهوات ولولاه لانفرط عقد الاخلاق والقيم .. خرجت مهرولة فارة بنفسها من هذا المستنقع قبل ان تلتصق اقدامها بالوحل الذي لا خلاص منه .. صهل لها ليخبرها بوجوده .. عرفته من خصلات شعره البيضاء التي تشوب سواده الفحمي .. كبر كثير واشتد كثير واخيرا ارتضي البردعة واللجام بل وكرباج العربجي .. صار ناقل اعلاف بعد ان كان فرس سباق .. امتطته سريعا وفرا من المدينة وقسوتها وصخبها الي حنو القرية وهدوءها فلا حرية أمنه بدون لجام .
حزنت مهرة علي ادهم فقد كان انيسها الوحيد ولكنها استمرت تعمل في الاسطبل تحمل الاعلاف والماء للحيوانات .. يوم بعد يوم كبرت مهرة الصغيرة واصبحة فرسة قوية بارعه الجمال واصطف علي بابها الخطاب الا انها ابت ان تتكبل بالقيد الذهبي للزواج .. واختارت ان تكمل دراستها حتي التحقت بكلية الاداب ففارقت قريتها ووالديها الهرمين رغم شدة احتياجهما لها الا انا رات ان الالتحاق بالجامعة هو معبرها للحرية فاصرت علي العبور وسكنت المدينه الكبيرة الصاخبة التي لا يعرفها فيها احد .. وراحت تستعد لاول ايامها الجامعية .. نظرت في المرآه فوجدت قروية باهتة الانوثة ستثير سخرية الفتيان وشفقة الفتيات .. فلم ترتضي لنفسها هذه الصورة المزرية والمصير المظلم وراحت ترسم كينونتها بيدها وتلونها بما تشاء من الطباع والاخلاقيات فلا قيد ولا رقيب ولا توبيخ ولا افعل ولا تفعل بل الحرية المطلقة التي طالما حلمت بها .. فحلت غطاء راسها وارسلت شعرها مسترسلا ولونت وجهها بمساحيق التجميل الارجوانية والبرتقالية وارتدت السراويل الجينز والتنانير القصيرة والكنزات الضيقة وتخلت عن عبائتها الفضفاضة المتشبعه بعفة القرويين واصوليتهم وراحت جامعتها بخطى واثقة تصاحب هذا وتمازح ذاك وتذهب لحفلات الميلاد وتاتي كيفما تشاء وقتما تشاء لا دراسة ولا التزام بل طوفان من العربدة والانحلال .. وجاءت نتيجة العام فرسبت و طردت من المدينة الجامعية وخشيت ان يعلم اهلها بهذه التطورات المؤسفة فاضطرت الي الانتقال الي شقة طالبات يشاركها ايها بعض المغتربات اللاتي لا يكففن عن الرقص والغناء واطلاق الزغاريد في كل الاوقات وما من احد يمر بشقتهن الا ويستعيذ بالله وكأنه مر بجحر الشيطان .. تعلمت منهن الرقص باحتراف وتدخين السجائر بدءا بالكليوباترا و حتى الخابور ومرورا بالشيشة التفاح .. اثقلت بايجار الشقة ومنفقاتها الشخصية من ثياب ومزاج فاضطرت الي العمل كنادلة باحد الملاهي الليلية .. دخلت نفق الضياع المظلم برغبتها من أجل الحرية العصماء .. رات اناس تأكل حتى تتقيأ ما اكلت بعدما كادت احشاءهم ان تنفجر من فرط ما تناولوا من طعام وكأن الطبيعه البشرية ترفع لهم الاشارة الحمراء .. رأت اموال تتهاوى تحت اقدام فتيات شبه عاريات لا يملكن قوت يومهن ويطأن الاموال بكعوبهن العالية .. رأت صفعة مدوية لفتاه قالت "لا" فقد سلبت منها الـ "لا" بدخولها هذا المكان فلا تملك السلعة اي ارادة سوى ان تنصاع لارادة صاحب المال .. استشعرت الضياع الذي آلت اليه وان الحرية المطلقة ماهي الا فساد مطلق وان اللجام ليس قيد ولكنه السد امام طوفان رغبات ونزوات النفس البشرية النهمه للملذات والشهوات ولولاه لانفرط عقد الاخلاق والقيم .. خرجت مهرولة فارة بنفسها من هذا المستنقع قبل ان تلتصق اقدامها بالوحل الذي لا خلاص منه .. صهل لها ليخبرها بوجوده .. عرفته من خصلات شعره البيضاء التي تشوب سواده الفحمي .. كبر كثير واشتد كثير واخيرا ارتضي البردعة واللجام بل وكرباج العربجي .. صار ناقل اعلاف بعد ان كان فرس سباق .. امتطته سريعا وفرا من المدينة وقسوتها وصخبها الي حنو القرية وهدوءها فلا حرية أمنه بدون لجام .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق